السبت، 18 يوليو 2009

العزو الثقافي والفكري الموجه للمرأة والأسرة والطفل (الحياة اإجتماعية )

الأسرة هى الحصن الأخير


* سيدة محمود محمد - القاهرة


"إن الأسرة بمعناها الإنساني المتحضر لم يعد لها وجود إلا في المجتمعات الإسلامية رغم التخلف الذي تشهده هذه المجتمعات في شتى المجالات الأخرى".

ورد هذا التصريح فى التقرير الذي أصدرته هيئة الأمم المتحدة عام 1975 بمناسبة العام العالمي للمرأة، محددا بوضوح الصرح الأخير الذي صار لزاماً على الأمة الإسلامية الحفاظ عليه، بل والإنطلاق منه إذا ما أرادت أن تنهض من كبوة التخلف على سائر الأصعدة الأخرى سياسية كانت أو إقتصادية أو إجتماعية.

فالشعوب الإسلامية رغم تعرضها - خلال مسيرتها الطويلة - لغزوات متنوعة عسكرية وسياسية واقتصادية إلا أنها مازالت عصية علي التغريب، ومازالت تحتفظ بقيمها الأصيلة، وهي وإن أخذتها سنة من النوم في بعض الأحيان إلا أنها ما تلبث أن تفيق وتسترد عافيتها شئياً فشئ وتفئ إلى حضارتها وأصالتها سالمة غانمة، ونموذج الجزائر ليس منا ببعيد وكذلك تركيا وشعوب الإتحاد السوفيتي سابقاً ودول جنوب شرق آسيا ودول البلقان الأمر الذي حدا "بهتتجتون" أن يقول:

" أخطأت وأخطأ قبلي كثيرون حين ظنوا أن الإسلام انتهى كدولة ودين بسقوط الخلافة، فتركيا عادت اليوم أقوى. هناك شواهد على إمكانية عودة الإسلام لقيادة العالم مرة أخرى"

إلا أننا ينبغي علينا أن نعترف بأنه في حالة الإنكسار التي تحياها الأمة تسربت إلينا بعض القيم والعادات الجاهلية سواء من :

الوافد الغربي الذي يعمل جاهداً على إثارة التشكيك في منظومة قيمنا لاستبدالها بقيمه حتى يتسنى له استكمال اجتياحه العسكري والسياسي والإقتصادي دونما أي خسائر إن أمكن.

أو من موروثات وعادات ما أنزل الله بها من سلطان إلا أنها تسربلت بلباس الشرع واختلطت بما هو أصيل فكان نتاج ذلك ثمرة مرة يستعصي علينا هضمها فهي غريبة عن منهجنا الإسلامي وتراثنا الأصيل.

لذلك فإن نقطة الإنطلاق هي تقوية الجهاز المناعي لمجتمعاتنا كي يتمكن من مقاومة أية جراثيم تحاول النيل منه، وبداية الإنطلاق هي إصلاح الأسرة، ذلك أن الأسرة ليست مجرد نظام إجتماعي فحسب، وإنما هي جماعة إجتماعية أساسية في المجتمع تقوم بالدور الرئيسي في بناء صرح المجتمع، وتدعيم وحداته، وتنظيم سلوك أفراده بما يتلائم مع أدوارهم الإجتماعية، فضلاً عن دورها في التزام أفرادها بالضوابط الدينية والموروثات الثقافية بما يشكل لهم دعامة قوية فى مواجهة متغيرات العصر.

فالأسرة باحتوائها على أكثر من جيل يسهل عليها نقل هذه الضوابط والموروثات من جيل إلى آخر بسلاسة وتلقائية، فضلاً عن أن لقاء الأجيال فيها يعطي مساحة واسعة لإمكانية حل المعادلة الصعبة وهي:

الموائمة بين الثقافة الإسلامية والثقافة المعاصرة، أي الموائمة بين صحيح الموروث ونافع الوافد بما يحفظ لشخصية أبنائها التوازن.

الا أنه فى الآونة الأخيرة تعرض هذا الحصن لحملات شعواء فى مختلف بلادنا العربية والإسلامية فى فترات زمنية متقاربة وكأن هناك خيوط تحرك الدمى الموجودة فى بلادنا من جمعيات أهلية ومجالس قومية و.. كى تعلو أصوات تنعق بمفردات القهر والذكورية وحقوق المرأة المهدورة وسجن الأسرة الذى يلعب فيه الرجل دور الجلاد وتؤدى المرأة دور الضحية وغيرها من دعاوى شتى تتمركز غالبيتها حول المرأة لإعطائها المزيد من الحريات .

هذا فى الوقت الذى لا تلقى فيه فئات أخرى في المجتمع وقضايا أكثر خطورة نفس الاهتمام، بما يكشف عن عملية علمنة لا تخفى على كل ذي لب، وهي عملية ليست وليدة اليوم، بل تمت على مراحل متتالية تحت دعاوى متعددة سُميت بالتحديث تارة، وبالاستجابة لمتغيرات العصر تارة أخرى.

وكان صدى ذلك أن شهدت الساحة القانونية سيلاً غير عادي من تغيير التشريعات، بل وتلاحق التعديلات على التشريع الواحد بصورة تجعل الحليم حيران؛ فما يكاد يصدر تشريع حتى يلحقه تعديل، ثم ثانٍ وثالث بمايجعلنا نترحم على فترات تاريخية كان إعداد القوانين فيها يشهد درجة من الإتقان وتلبية حاجات المجتمع تجعله يبقى لعشرات السنين دونما أي حاجة إلى تعديل؛ وذلك لثبات المرجعية التي يستمد منها هذا التشريع والسبب في ذلك يوضحه أحد رجال القانون بقوله:

"..ولا شك أن منظومة قوانين الأحوال الشخصية في مصر حالياً هي النموذج الأوضح لتتابع التدخلات الكثيرة.. فمنذ عام 1979- 2006 أي 27 سنة على التوالي وهي تتعرض لتعديلات انفعالية توترية في أغلب الأحيان لدرجة بلغت إصدار قانون ثم تعديله خلال شهور قليلة، وقد تمالأ على استهداف قوانين الأحوال الشخصية بهذا الحال عوامل عدة منها هوجة ما أطلق عليه تعبير العولمة والتسلط به على القوانين الداخلية، ومنها الطابور الخامس بالداخل الحليف لها، ومنها التبعية الثقافية للخارج، وليست المؤتمرات الدولية الكبرى التي أقامتها الأمم المتحدة؛ لهذا الشأن في القاهرة وبكين وعمان والمغرب ببريئة من هذا الخوض في هذا السبيل والتسلط عليه. وقد كان يغني عن هذا كله، ويحقق الآمال الصالحة للمرأة، والرجل والأسرة والأبناء -على السواء- في كفالة حقوق كل منهم إنفاذ شريعة الله بحيدة دون هذا
التلفيق"(1).


والدليل على أن هذه القوانين لم تصدر انعكاسًا لحركة المجتمع الفعلية، وإنما بقرارت فوقية واستجابة لضغوط دولية -عقب صدور اتفاقيةالقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة الشهيرة ب"السيداو" - قانون سنة 1979 والذي أطلق عليه آنذاك (قانون جيهان)(2) وكان قد صدر بقرار جمهوري خلال مدة إجازة مجلس الشعب، ولم يعرض عليه بعد الانعقاد للتصديق طبقاً للدستور.

أما قانون 1985 كما عبرت عنه إحدى الناشطات في الحركة النسائية المصرية بقولها: "استفادت مجموعات المرأة المصرية من الظروف الدولية في ذلك الوقت، والتي ساعدت على سرعة مبادرة الحكومة بعرض القانون رقم (100) لسنة1985 على مجلس الشعب، وذلك بمناسبة انعقاد مؤتمر المرأة العالمي في نيروبي عند انتهاء عقد المرأة العالمي في 1985" (3)

ثم توالت مؤتمرات مكثفة للأمم المتحدة ركزت على تغيير التشريعات الخاصة بالمرأة الطفل، أبرزها مؤتمر القاهرة للسكان عام 1994، وبكين وغيرها.

وتحركت الأمم المتحدة من خلال منفذ آخر خاص بالطفل تأكد من خلال اتفاقية حقوق الطفل الصادرةفى عام1989 والتي تم توجيه الدول إلى تغيير قوانينها الوطنية لتتوافق مع الإتفاقية الجديدة، والتي تزعم أنها تقدم مزيدا من الحماية والرعاية للفئات المستضعفة وخاصة الأطفال والنساء.. حتى لو وصل الأمر إلى إباحة حقهم في الجنس الآمن، بل والإجهاض الآمن إن لزم الأمر.


وبلغ الأمر ذروته مع وثيقة "عالم جدير بالأطفال" عام 2002؛ حيث تم الضغط بقوة لإحداث التغييرات اللازمة في قوانين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والتي وقعت على هذه الوثائق والاتفاقيات، وعدم التذرع بأي عرف أو دين يقف عائقا أمام تنفيذ هذه البنود،الى أن نص على ذلك صراحة فى تقرير الخبراء الصادر عن الهيئة الدولية فى الجلسة الواحدة والخمسين للجنة مركز المرأة بالأمم المتحدة، والذي عقد تحت عنوان (القضاء على جميع أشكال التمييز والعنف ضد الطفلة الأنثى)

ان أمن الأسرة والحفاظ عليها بات فرض عين على كل مسلم ومسلمة،فإعصار الإباحية الجارى تقنينه الآن لن يذر أحدا، ولن ترحمنا الأجيال القادمة - بسبب مواقفنا السلبيةفنحن شهود على هذا التفريط- و التى ستجنى الثمار المرة لهذه القوانين، لأن القوانين التي تجتهد في غلق أبواب (الحلال) برفع سن الزواج والتضييق على تعدد الزوجات...

البديهي أنها تفتح أبواب (الحرام) فالبديهي أنه كلما تزايدت العقبات أمام إشباع الغرائز بالحلال، كلما ظهرت صور عدة للاقتران الحرام المشبوه ولا سيما إذا أفسحنا أمامه السبيل للاعتراف به ومنحه ذات الحقوق التي تعطى للزواج الشرعي من اعتراف بالثمرة الناتجة عنه، ودعوى التطليق بموجب أي إثبات لهذا الاقتران المشبوه،وما قصة ابن الفنان الشهير وحكم المحكمة ودور المنظمات الأهلية فيها منا ببعيد.


----------------
الإحالات:
----------------

(1) المستشار أشرف مصطفى كمال "رئيس محكمة استئناف الأسرة، موسوعة قوانين الأحوال الشخصية: مشروع مكتبة المحامي، نقابة المحامين، الأجزاء 1- 3، 2006، ص 2، 3

(2)- جيهان السادات زوجة الرئيس المصري وقتها محمد أنور السادات.

(3) منى ذو الفقار،وضع المرأة المصرية في ضوء الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، ضمن أوراق ورشة عمل الوعي القانوني للمرأة المصرية، دار الطباعة المتميزة، 1995، ص 137
-----------------------------------------------

* رئيس وحدة البحوث باللجنة الاسلامية العالمية للمرأة والطفل



*********************
الأبعاد الدولية لقضايا الطفل







* سيدة محمود محمد - مصر



مما لا شك فيه أن الظروف التاريخية التي شهدها العالم عقب حربين عالمتين في منتصف القرن العشرين كانت تستوجب نشأة هيئة دولية لتحقيق السلم والأمن الدوليين وتكفل التعاون بين شعوب المعمورة فجاءت هيئة الأمم المتحدة .



إلا أن الأمر الذي بات يثير القلق لدى الكثيرين أن هذه الهيئة صارت أداة طيعة في يد البعض من مبشري النظام العالمي الجديد (1) ، وأعداء الإنجاب والسكان(2)، والأنثويات ، والذين اتفقت مصالحهم فركبوا جميعاً الجواد الرابح، وهو استثمار قضايا المرأة، فأصدروا ديناً جديداً ليكون مرجعية كونية قانونية، مع الإدعاء بأن هذه المرجعية القانونية تمثل مشتركاً إنسانياً، بينما هو في حقيقة الأمر لايعكس إلا تصورات ثقافية واحدة، وهي الثقافة الغربية، والتي وصل الغرب بسببها إلى حافة الهاوية، وبات مهددا بالفناء، حاله في ذلك حال كل الأمم التي شاعت فيها الفواحش، فكان مصيرها الدمار والفناء.





ورغم ما يعانيه الغرب من ويلات، جراء هذه الإباحية، إلا انه يأبى أن يغرق وحده، ويصر على أن يجر العالم وراءه، في محاولات مستميتة لعولمة هذه الإباحية و تقنينها، وذلك عبر مؤتمرات دولية بات الهدف منها واضحاً هو: نسج شبكة من القوانين الملزمة دولياً لعولمة وتقنين القيم والسلوكيات المجتمعية الغربية، وخاصة فيما يتعلق بالأسرة.



ففي مجال الطفل، أصدرت الأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل Convention on the Rights of the Child CRC عام 1989م، وهي اتفاقية دولية ملزمة، وبعد ثلاثة عشر عاما، صدرت وثيقة عالم جدير بالأطفال A World Fit For Children WFFC، كوثيقة آليات وسياسات لتفعيل وتطبيق CRC.



وإذا كانت قضايا المرأة هي السهم الذي يُصوَّب لاختراق المجتمعات – ومن ثم عقدوا لها مجموعة من الاتفاقيات التي تزخر بكل ماهو شاذ عن الفطرة – فإن الطفل هو رأس هذا السهم، مع ملاحظة أن نفس الأجندة النسوية المطروحة في اتفاقيات المرأة، هي ذاتها المطروحة في اتفاقيات الطفل، وذلك لتغلغل الأنثوياتFeminists في كافة الأجهزة والوكالات الدولية التي أنشأتها الأمم المتحدة United Nations لمراقبة الدول في تطبيق تلك الاتفاقيات، ومنها على سبيل الخصوص لجنة مركز المرأة (3) التي ركزت حديثا على الطفل، فجاءت جلستها الحادية والخمسين بعنوان: "القضاء على كافة اشكال العنف والتمييز ضد الطفلة الأنثى".



ويرجع التركيز على الطفل في الآونة الأخيرة إلى الاسباب التالية :



أولاً : لأنه السبيل لتكوين ماتنشده الحركات الأنثوية من إيجاد (المرأة الجديدة)(4)، و(الرجل الجديد)(5) وهذا لن يتم إلا بإرضاع الطفل تلك القيم مع لعبه وأكله وشربه فيشب منذ صغره على التساوي التام بين الذكر والأنثى، وإلغاء كافة الفوارق بينهما، والإيمان بأن كل الأدوار يمكن أن يتقاسمها كل من الذكر والأنثى، أو حتى يتبادلانها.



ثانياً: أن المقاومة في هذا الشأن ستكون ضعيفة، خاصة إذا ما تم تقنين القيم المستهدف تنشئته الاطفال عليها تحت دعاوى إنسانية من قبيل الشفقة بالأطفال، والعمل على سعادتهم وحمايتهم فمن الذي يستطيع أن يرفض ما يحقق الرفاهة للأطفال!!



وإتفاقية حقوق الطفل وغيرها من المواثيق الدولية، حافلة بالعديد من المفاهيم والمصطلحات النابعة من الثقافة الغربية، ولا يمكن فهمها فهما صحيحا إلا من خلال البيئة الأصلية التي أفرزتها، وهو ما يعرف (بجغرافية المصطلح).



وهذا ما يحتم ضرورة أخذ مايلي في الاعتبار:



أولا: ضرورة تحديد المفاهيم: (تحرير المصطلح)



والمتأمل في تراثنا الفكري يلاحظ مدى أهمية ضبط الكلمات والألفاظ ولا سيما، ما ارتبط منها بموقف فكري، لدرجة الحرص التام على الزام المسلمين بمصطلحات وألفاظ بعينها والنهي عن الحيدة عنها أو تسميتها بغير مسمياتها ولو كان التقارب بين اللفظين شديداً ((لا تَقُولُوا رَاعِنَا وقُولُوا انظُرْنَا)) (البقرة: 104).





ثانيا:الحذر عند نقل المفاهيم:



فنقل المفاهيم من بيئة ما، وإعادة استنباتها في بيئة حضارية مغايرة لا يؤتي نفس الثمار التي أتتها في بيئتها الأولى وهو ما أطلق عليه المفكر الإيراني الشهير ( علي شريعتي ) "جغرافية الكلام" أي أن كلاماً معيناً قد يكون صحيحاً في بيئة ما ، فإذا تم نقله إلى بيئة أخرى لم يكن بدرجة الصحة التي كان عليها في بيئته الأولى.



ثالثا المعيارية:



إن المصطلحات والمفاهيم القادمة من بيئتها الأولى تصير "معياراً قياسياً" تفهم وتفسر به الظواهر الإجتماعية في البيئة الثانية، ويُحكم به على مدى نجاحها أو إخفاقها بدرجة قربها منه.



رابعا انزواء المفاهيم الأصلية:



أثناء جلب المفاهيم من بيئة مغايرة، واعتبارها حَكَماً ومعياراً، تنشأً مشكلة في غاية الخطورة، وهي إنزواء المفاهيم الأصيلة للبيئة الثانية وبقدر ما تتم عملية الإحلال والتبديل هذه بقدر ما يتم تجاهل مفاهيم البيئة الثانية.



لقد أوردت اتفاقيات الطفل العالمية، عددا من المفاهيم والمصطلحات المحورية، والتي تناسب بالدرجة الأولى البيئة التي أفرزتها أى البيئة الغربية، وليس بالضرورة أن تناسب غيرها من البيئات، مثل التمييز والجندر والعنف والصحة الإنجابية ... إلخ.



ومع ذلك فقد تم التأكيد عليها باستفاضة في البرامج التطبيقية الإقليمية والمحلية لكل الدول الموقعة عليهافى بلادنا العربية الإسلامية.



ولذلك صار لزاما على كل غيور على دينه أن ينتبه ويحذر الوقوع فى فخ من يطنطن بمشروعية القول بعالمية "النموذج الغربي" للطفل الذي يخرج على ثوابت دينية باتت معروفة، فمطالب الطفل الغربي ليست هي ذاتها مطالب كل طفل في العالم ،وبالأخص الطفل المسلم.





---------

الإحالات

---------





(1) والتي تبدو في الخطاب السياسي العربي ما اسموه بنهاية التاريخ، أي أن قيم الغرب وأفكاره ومناهجه أصبحت- في زعمهم- الحلقة الأخيرة من حلقات التاريخ البشري وأن الأنظمة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية غير الغربية، ماعليها إلا الامتثال لهذه المناهج الغربية ، وفي ضوء هذا تولد (صراع الحضارات) أي صراع الغرب الديمقراطي ضد الإسلام الذي يمثل الخطر الأساسي على النظام العالمي .



انظر :



1. فرانسيس فوكوياما، نهاية التاريخ وخاتم البشر، ترجمة حسن أحمد أمين، مركز الأهرام للترجمة والنشر ، القاهرة 1993.



2. صموئيل هينتجتون، صراع الحضارات، ترجمة طلعت الشايب، القاهرة، 1998.



(2) - التزايد السكاني الهائل لسكان العالم الثالث والذي من المتوقع أن يصبح 81% من سكان العالم عام 2010 بعد أن كانت هذه النسبة 75% من الستينات من القرن العشرين، ولايخفى أن العالم الإسلامي يشكل مساحة كبيرة من العالم الثالث .



انظر المثني أمين الكردستاني، تحرير المرأة من المساواة إلى الجندر، دا القلم، الكويت، 2004.



(3) - هي جهاز معاون للمجلس الاقتصادي والاجتماعي ، وتختص بإعداد التقارير وتقديم توصيات خاصة بتحقيق المساواة التامة بين الرجل والمرأة في كافة الميادين ، ومن ثم إعداد البرامج والاتفاقيات الدولية ورصد تنفيذ التدابير اللازمة لتحقيق تقدم مع تقييم ما تم انجازه للمرأة على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي .

عصام محمد أحمد الزناتي ، حماية حقوق الإنسان في إطار الأمم المتحدة ، دار النهضة العربية ، 1998، ص 133.



(4) - أول من أطلق هذا المصطلح الروائية سارة جراند سنة 1894 تأثراً بفكرة (فتاة العصر) المتمردة التي ابتدعها اليزالين لينتون سنة 1868 وهذه (المرأة الجديدة) تتطلع إلى التخلص من حياة البيت التقليدية بأدوارها النمطية من زواج وأمومة دون الخضوع (للهيمنة الذكورية). المعجم النقدي ص 426



وهذا لن يتم إلا من خلال استقواء المرأة اقتصاديا وسياسيا، والاستغناء جنسيا عن الرجل (عن طريق السحاق)، فالجنس يستغله الرجل لإذلال المرأة فضلاً عن المخاطر المترتبة عليه بالنسبة لصحة المرأة (وفقا للفكر الأنثوي)، لمزيد من التفاصيل عن التصورات حول هذه المرأة الجديدة انظر مجموهة إصدرات مركز دراسات المرأة الجديدة ، نولة درويش.



(5) - وهو الرجل الذي يتأثر بالفكر النسوي ومن ثم يمنح الأيدويولوجية النسوية تأييداً ضمنياً على الأقل، فنجده يتعاون في إعادة توزيع الأعباء المنزلية وواجبات رعاية الأطفال، المعجم النقدي ص425. بحيث يقبل اقتسامها مع المرأة أو تبادلها إن لزم الأمر.

-----------------------------------------------------



*رئيسة وحدة البحوث باللجنة الاسلامية العالمية للمرأة والطفل

احدي لجان المجلس الاسلامي العالمي للدعوة والاغاثة



**********************


التعديلات المرتقبة على قوانين الأحوال الشخصية ... إملاءات واستجابات







* سيدة محمود محمد



تشهد الساحة القانونية فى بلادنا العربية والإسلامية سيلاً غير عادي من تغيير التشريعات، بل وتلاحق التعديلات على التشريع الواحد بصورة تجعل الحليم حيران؛ فما يكاد يصدر تشريع حتى يلحقه تعديل، ثم ثانٍ وثالث و..... بمايجعلنا نترحم على فترات تاريخية كان إعداد القوانين فيها يشهد درجة من الإتقان وتلبية حاجات المجتمع تجعله يبقى لعشرات السنين دونما أي حاجة إلى تعديل؛ وذلك لثبات المرجعية التي يستمد منها هذا التشريع.



وترددت انباء عن وجود مشروع قانون لتعديل بعض بنود قانون الاحوال الشخصية المصري الحالي بهدف تقييد تعدد الزوجات وامور اخري .



والمتابع لتفصيلات الأمور لايعتريه أدنى شك فى الدور الذى لعبته المؤتمرات الدولية التي أقامتها الأمم المتحدة لهذا الشأن في القاهرة وبكين وعمان والمغرب...الح. فلا يمكننا النظر إلى موجة تغيير قوانين الأحوال الشخصية التي تجتاح الدول الإسلامية بدءا بتونس ثم المغرب تليها الجزائر، ثم مشروعات القوانين الجديدة التى يتم دراستها في سوريا والسودان و البحرين الأردن ، اليمن ، إقليم كردستان العراق، تشاد، ومصر؛ بمعزل عن النشاط الواسع والضغوط الدولية التي مورست خلال السنوات الأخيرة لفرض أنماط الحياة الغربية على مجتمعاتنا ، خاصة فيما يتعلق بقضايا المرأة.




وقد بحت أصوات الغيورين على الأمة من صيحات أطلقوها للتحذير من عواقب تطبيق اتفاقيات دولية تتصادم مع ثوابتنا الشرعية وخصوصياتنا الحضارية، فكانت الإجابة الهزيلة التى لاتسمن ولاتغنى من جوع بأنه لا داع للخوف فالتحفظات الموضوعة على تلك الاتفاقيات تضمن للحكومات والشعوب الحفاظ على خصوصياتها الثقافية والحضارية.




ولكن ما يحدث على أرض الواقع لا يبعث على الاطمئنان، فالهيئة الدولية شجعت الحكومات فى بادئ الأمر على التوقيع والإنضمام الى اتفاقيات المرأة والطفل، مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW) واتفاقية حقوق الطفل (CRC) وتركت لها حق الإعتراض والتحفظ على ما ترفضه، وبعد أن وقعت الحكومات على تلك الاتفاقيات، وصدقت عليها برلماناتها، بدأت الأمم المتحدة -وفي تجاوز خطير للصلاحيات- في ممارسة الضغوط المتوالية كى ترفع الحكومات تحفظاتها، مستعينة في ذلك بالطابور الخامس الحليف لها في داخل البلاد، والمتمثل في بعض منظمات المجتمع المدني التي تتبنى أجندة الجهات المانحة الدولية كى تنال حصتها من كعكة التمويل الخارجي ، الأمر الذى أفرز وضعا يلزم الحكومات بإتخاذ سلسلة من التدابير القانونية والسياسات لتطبيق الاتفاقيات وفقاً للمعايير الدولية.




فالأمر إذن لا يتوقف عند توقيع أو التصديق على مجموعة من النصوص، وانما الأخطر من ذلك هو مابعد التصديق أى مرحلة التطبيق، والذي يتجسد في تغيير كامل للقوانين والتشريعات المعنية بالمرأة والطفل لتتخذ من الاتفاقيات الدولية مرجعية لها بدلا من مرجعياتها الأصلية التي هي الشريعة الاسلامية في المجتمعات العربية والاسلامية . ثم الرقابة على تنفيذ هذه النصوص .



فالإتفاقية السا بق ذكرها مثلا أوكلت الرقابة على تنفيذ أحكامها -بموجب المادة 18 منها - إلى لجنة منبثقة من مركز المرأة بالأمم المتحدة أطلق عليها اسم"لجنة السيداو " والتى من صلاحياتها استلام تقارير أولية ودورية من الدول الأطراف الاعضاء بالامم المتحدة على المستوى الرسمى وغير الرسمى تحوى معلومات عن البلد الطرف فى الإتفاقية ،والتدابير التى يتم اتخاذها على كافة المستويات بدءا من مستوى الدستور إلى القانون إلى أعمال المحاكم الوطنية إلى مستوى تصرفات السلطة العامة إلى مستوى الأفراد لتنفيذ ماورد بالإتفاقية وحسب المعايير الدولية وعدم الإعتداد بما قد تتذرع به الحكومات من قوانين وطنية أو عادات عرفية أو تشريعات دينية ، ومن حق اللجنة الدولية التعليق على هذه التقارير واصدار توصيات بشأن ما تراه مناسبا.




فأصدرت اللجنة مثلا فى جلستها الرابعة والعشرين لعام 2001ردا على تقرير مصرالرسمى مجموعة من الملاحظات :




"إعادة صياغة كل ما يتعلق بالمادة 11 من الدستور المصري التي يقول نصها :تعمل الدولة على تمكين المرأة من التوفيق بين واجباتها نحو أسرتها وواجباتها في العمل، حيث أن هذه المادة بهذا الشكل تؤكد أن الدور الرئيسي للمرأة يتركز على دورها كأم وربة أسرة".



فالإتفاقية تنظر الى الأمومة ورعاية الأسرة بأنه ترسيخ لربط الدور بالمرأة مطلقة عليه مسمى (الدور النمطى)وما تريده هو تقاسم الأدوار بين الرجل والمرأة داخل الأسرة وفى المجتمع وعدم ربط الدور بالطبيعة البيولوجية وذلك كى تتحقق المساواة التامة التماثلية مما يجعل الزوجين كل منهما ندا للآخر ومتصارعا معه بدلا من تكامل الادوار فيما بينهما .


وبالفعل جاءت التعديلات الدستورية فى مارس سنة 2007 وتم إدخال المواطنة ضمن مواد الدستور، والذي عُدَّ مرجعية أساسية للمنظمات النسوية المصرية في مطالباتها بالمساواة التامة بالرجل في كافة القضايا من إرث وقوامة ...إلخ، اعتماداً على مبدأ المواطنة هذا.




كما طالبت اللجنة الدولية بـ :




"حث الحكومة على مراجعة قانون الجنسية حيث إنه لا يعطي حقوقا قانونية لأبناء السيدة التي تتزوج من أجنبي، بينما يحصل الرجل على هذا الحق "ليصدر القانون رقم 154 لسنة 2004 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية وإعطائها لجميع أبناء الأم المصرية المتزوجة من أجنبى.




كما طالبت اللجنة الدولية بـ :




تعديل القانون المتعلق بسن الزواج ومنع ظاهرة الزواج المبكر." فجاء قانون الطفل الصادر عام 2008 ووحَّد سن الزواج بالنسبة للذكر والأنثى، وجعل سن الثامنة عشرة هو الحد الأدنى لأهلية الزواج لكليهما.




كما طالبت اللجنة الدولية بـ :




"تحتاج اللجنة في تقرير مصر القادم إلى مزيد من المعلومات عن الجهود التي يتم بذلها للقضاء على ظاهرة ختان الإناث، وكذلك معلومات عن قرار وزير الصحة الخاص بحظره."




وبناء علي اوامر اللجنة تم ادخال تعديلات على قانون الطفل المصرى الأخير حول هذا الموضوع والذي وصفه مساعد وزير الداخلية ومدير ادارة الاحداث بانه يهدد الامن القومي المصري والبقية تأتى..




ونموذج اخر كى تتضح الصورة وهو تعليق اللجنة علي تقرير الاردن عام 2000 :




"تدعو اللجنة الحكومة الى اجراء تعديل دستوري لادراج المساواة على اساس الجنس في المادة 6 من الدستور

- و تعرب اللجنة عن قلقها من ان القانون الاردني يحرم المرأه من السفر وحدها وتعرب ايضا عن قلقها من أن القانون الاردني يعترف بممارسه تعدد الزوجات.




- وعلى وجه الخصوص، تشعر اللجنة بالقلق لان المادة 340 من قانون العقوبات تعذر الرجل الذي يقتل او يجرح زوجته او الاقرباء له من الاناث و اللاتي وقعن في فعل الزنا."




وكذلك تعليق اللجنة علي تقرير الجزائر عام 2005 "تعرب اللجنة عن قلقها ان التعديلات المقترح ادخالها على قانون الاسرة لا تشمل الغاء تعدد الزوجات."




وهكذا يبدو جليا في توصيات لجنة سيداو بالأمم المتحدة حول التقارير المقدمة من الحكومات العربية وعيرها حول تطبيق اتفاقية سيداو، مدى الضغوط التي تمارس على الحكومات في تلك الدول وفي هذا تجاوز خطير لصلاحيات اللجنة، وتعدَ سافر على سيادات الدول الاعضاء وتحد سافر للخصوصية الثقافية والاسلامية لدول العالمين العربي والاسلامي .

فى النهاية نهيب بالحكومات أن تقف موقفا يحفظه لها التاريخ وتحمدها عليه الأجيال القادمة بألا تستجب لإملاءات الخارج فقد بدأ الحصاد المر من أرقام مفزعة لعواقب وتداعيات الإمتثا ل التام لإملااءات منظمة دولية يفترض أنها أسست لتحقيق الأمن والسلم الدوليين ،فإذا بها تصير أداة للهيمنة والسيطرة .

واصبحت سيطرة الغالب المتمثل في الغرب على المغلوب وهو دول العالم الثالث ليست سياسية واقتصادية فحسب بل اخذ يتجرأ من خلال الامم المتحدة التي هي اداة طيعة في يده على الجانب الإجتماعى والثقافي والعقائدي للشعوب ليرسم لها نمط حياتها بأدق التفاصيل مطالبا اياها بأن يتركوا ما درجوا عليه من عادات وقوانين وشرائع حتى وان كانت سماوية ويتبعوا الدين النسوى الجديد الذى يتم التبشير به الآن فالنسوية فى زعمهم الباطل هى الحل ولكنها في الواقع وعند التطبيق لن تؤدي الا إلي الخراب وتدميرالقيم والاخلاق والمجتمعات ، وهاهو الغرب الاباحي حيث الاسرة المفككة والمرأة المضطهدة ولاتزيد عن كونها سلعة والاطفال الذين غالبيتهم من سفاح خير شاهد علي الدور المدمر لوثيقة السيداو وغيرها من وثائق الأمم المتحدة الخاصة بالمرأة والطفل




المراجع :

[1] فى عام 1967 أجازت الأمم المتحدة إعلانًا خاصًّا بالقضاء على التمييز ضد المرأة، دعا إلى تغيير المفاهيم وإلغاء العادات السائدة التى تفرق بين الرجل والمرأة، مع زيادة مساحة الدور المعطى للمنظمات غير الحكومية، حيث اعترف الإعلان صراحةً بأن المنظمات النسائية غير الحكومية هى القادرة على إحداث هذا التغيير، عن طريق تحدي الأعراف والقيم الدينية والثقافية السائدة.

[1] - اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة – أ.د. زينب رضوان – عضو المجلس القومي للمرأة ، عضو مجلس الشعب - محسن عوض – حقوق الإنسان والإعلام – دراسات ومناقشات الدورة التدريبية للسادة معدي البرامج للإذاعة والتليفزيون – القاهرة أكتوبر 2002 –برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP الطبعة الثانية 2003 – مشروع دعم القدرات في مجال حقوق الإنسان – ص 319 حتى 330

[1] - http://www.arabhumanrights.org/committees/reports.asp?id=4

[1] - نفس المرجع السابق.





* رئيس وحدة البحوث باللجنة الاسلامية العالمية للمرأة والطفل

احدي لجان المجلس الاسلامي العالمي للدعوة والاغاثة بالقاهرة




تاريخ التحديث :-

*************




موقع مهم جدا



http://www.iicwc.org/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق